عراقنا بلس – أشعلت تصريحات السفير البريطاني لدى العراق، عرفان صديق، جدلاً واسعاً بعد أن تحدث في مقابلة تلفزيونية عن “انتفاء الحاجة للحشد الشعبي” في المرحلة الحالية، معتبراً أن دور الحشد كان مرتبطاً بمرحلة الحرب ضد تنظيم داعش، وهي مرحلة “انتهت” على حد وصفه.
تصريحات السفير
صديق أوضح أن “كل الفصائل المسلحة موجودة ضمن هيئة الحشد الشعبي، وليس من الممكن أن يكون دور الحشد كما كان في فترة الحرب ضد داعش”. وأضاف أن “الحكومة العراقية تطالب بانسحاب قوات التحالف الدولي لأن الحرب ضد داعش انتهت، وانتفت الحاجة للتحالف، ونفس الشيء بالنسبة للحشد الشعبي، إذ انتفت الحاجة له بانتهاء الحرب”.
ردود الفعل السياسية
التصريحات وُصفت من قبل أوساط سياسية عراقية بأنها تدخل مباشر في ملف سيادي حساس. وزارة الخارجية العراقية لم تصدر بياناً فورياً، لكن مصادر سياسية أكدت أن الموضوع قيد المتابعة على المستوى الدبلوماسي.
طالب الأمين العام لـ"عصائب أهل الحق" قيس الخزعلي، يوم السبت 9 آب،أغسطس 2025، وزارة الخارجية العراقية بتنبيه السفير البريطاني في العراق عرفان صديق بسبب تصريحات عن الحشد الشعبي.
وقال الخزعلي في تدوينة تابعها "ألترا عراق"، إن "العراق بلد ذو سيادة، وأجهزته الأمنية وفي مقدمتها الحشد الشعبي شأن داخلي، وعلى السفير البريطاني أن يعرف حدوده، وألا يتدخل في أمور داخلية ليست من اختصاصه".
وختم الخزعلي تدوينته بالقول، إن "على وزارة الخارجية الموقرة تنبيه هذا السفير".
وقبل ذلك، هدد عضو مجلس النواب العراقي فالح الخزعلي، السفير البريطاني لدى العراق عرفان صديق، بـ"طرده من العراق".
وقال الخزعلي في تدوينة أيضًا، تابعها "ألترا عراق"، إن "السفير البريطاني عرفان صديق، باكستاني الأصل، اختصاصه فتنه في كل الدول التي فيها".
وأضاف متحدثًا عن صديق: "كان سفيرًا في أذربيجان 2015 – 2018، وحدثت نزاعات بين إيران وأذربيجان، وعمل سفيرًا في إيران، حدثت تظاهرات واتهم فيها، وحاليًا في العراق عليه أن يلتزم بحدوده ولا يتدخل في الشأن العراقي، وإلا نقدم طلبًا لطرده من العراق".
الموسوي: مصير الحشد يحددهُ العراقيون فقط!
بدورها عبرت البرلمانية العراقية زينب الموسوي عن رفضها وبشكل قاطع تصريحات السفير البريطاني في بغداد، التي تحدث فيها عن انتفاء الحاجة للحشد الشعبي.
وقالت في تصريح لـ«عراقنا بلس» هذه التصريحات تمثل تدخلاً سافراً في الشأن الداخلي العراقي، وتمس مؤسسة رسمية أُنشئت بفتوى المرجعية ودعمتها دماء الشهداء في مواجهة الإرهاب.
وأضافت الموسوي: الحشد الشعبي ليس مرحلة عابرة، بل هو ركيزة من ركائز الأمن الوطني وضمانة لسيادة العراق، وسيبقى ما بقيت التهديدات والأطماع الخارجية.
ودعت البرلمانية: وزارة الخارجية العراقية لاتخاذ موقف حازم تجاه أي تجاوز على سيادة العراق أو إساءة لمؤسساته الرسمية، وتؤكد أن مصير الحشد الشعبي يقرره العراقيون وحدهم، بعيداً عن أي ضغوط أو إملاءات خارجية.
الحشد الشعبي… من الجهاد ضد داعش إلى المشهد السياسي
تأسس الحشد الشعبي عام 2014 استجابة لفتوى المرجعية الدينية لمواجهة داعش، وساهم في استعادة مدن كبرى مثل الموصل وتكريت. ورغم دمج بعض فصائله في هيكل الدولة، لا يزال يمثل محور نقاش داخلي وخارجي بين من يراه قوة ردع وطنية ومن يعتبره عاملاً مؤثراً على سيادة الدولة وسياستها الأمنية.
عرفان صديق… خبرة دبلوماسية وسجل مثير للجدل
عرفان صديق شغل مناصب دبلوماسية عدة، من بينها سفير بريطانيا في أذربيجان، حيث أثارت مواقفه وتصريحاته آنذاك حساسية في العلاقات بين باكو وطهران، خصوصاً في ملفات الحدود والتعاون الأمني. منذ توليه منصب سفير المملكة المتحدة في بغداد، عُرف بطرح مواقف مباشرة حول قضايا الأمن والسياسة، ما جعله محط جدل متكرر.
قراءة تحليلية
يرى مراقبون أن تصريحات السفير البريطاني حول “انتفاء الحاجة للحشد الشعبي” قد تعمّق التباين بين بغداد ولندن، خاصة وأن ملف الحشد يرتبط مباشرة بمفهوم السيادة الوطنية لدى قطاعات واسعة من العراقيين. كما أن ردود الخزعلي وغيره تعكس تمسك الفصائل بموقعها ودورها بعد داعش، ورفضها أي رؤية خارجية تحدد مستقبلها.
ردود الشارع العراقي
قوبلت تصريحات السفير البريطاني بسيل من التعليقات على مواقع التواصل الاجتماعي. كتب أحد الناشطين على فيسبوك: “الحشد الشعبي ليس مرحلة وانتهت، هو مؤسسة رسمية ودرع للوطن”. وعلّق آخر على تويتر: “أي قوة خارجية تحاول فرض رؤيتها على العراق ستصطدم بإرادة الشعب”. في المقابل، رأى بعض المغردين أن تصريحات السفير “تسلط الضوء على الحاجة لإصلاح وهيكلة الحشد بما يضمن دمجه الكامل في المؤسسة العسكرية الرسمية”، معتبرين أن النقاش يجب أن يكون عراقياً-عراقياً بعيداً عن التأثيرات الخارجية.