📁 آخر الأخبار

قمر السامرائي… صوت الجهل في زمن الدولة (من مرشحة انتخابياً إلى مرشوشة سياسياً)

عراقنا بلس - في كل موسم انتخابي، يخرج علينا من تحت رماد الخطاب الطائفي شخصٌ يصرّ على تذكيرنا أن العراق لا يزال يرزح تحت عبء “الجهل المزمن”. وهذه المرة لم يكن الصوت جديداً، بل تكراراً باهتاً لنغمة قديمة، معاد تدويرها في هيئة “مرشحة” تدعى قمر السامرائي.

في تصريح متلفز لا يحتاج إلى تحليل بقدر ما يحتاج إلى تدخل طبيب طوارئ لعلاج صدمة المشاهدة، قالت قمر إن من يبايع الإرهابي أبو بكر البغدادي على السمع والطاعة لا يستحق حكم الإعدام أو المؤبد. بالله عليكم، هل نحتاج أكثر من هذا التصريح لنعرف إلى أي منحدر هبطت لغة بعض السياسيين؟ هل أصبحت بيعة الإرهاب وجهة نظر؟ وهل دماء العراقيين التي أُريقت في الموصل والأنبار وتلعفر وبغداد مجرد تفاصيل فرعية في خطاب مرشحة تحنّ لأيام “الخلافة”؟!

ثم تكمل قمر تصريحاتها بـ”فخر طائفي”، معلنة أنها لا تعترف بأي مذهب ديني غير مذهبها السني، وكأنها الوصية على أبواب الجنة، توزّع صكوك النجاة وتُلغي وجود الملايين من أبناء بلدها. هذا الكلام لا يصدر من مرشحة لبرلمان، بل من محرّضة على الفتنة.

هنا لا نقف عند الطائفية فقط، بل عند القفز فوق الدستور والقانون والأخلاق. كيف تُقبل مرشحة بهذه العقلية في قائمة سياسية محترمة؟ وكيف يفتح لها حزب “تقدم” أبوابه وهي تحمل هذا الخطاب المتطرف؟ هل أصبحت الأحزاب بوابات مفتوحة لكل من يملك لسانًا طويلاً وعقلًا قصيرًا؟

لحسن الحظ، جاءت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات لتُنقذ الموقف ولو متأخرة، وتُعلن استبعاد قمر السامرائي من الترشح. قرار قد لا يُصلح الضرر تماماً، لكنه يرسل رسالة واضحة: لا مكان بعد اليوم لمن يروّج للإرهاب، ويشكك بعقائد الناس، ويحوّل السياسة إلى مسرح للتمييز والكراهية.

الواقع أن أمثال قمر لا يمثلون السنة ولا الشيعة ولا أي مذهب، بل يمثلون خيبات العراق السياسية، ويذكّروننا بأننا بحاجة إلى فلترة صارمة لكل من يعتلي منبرًا عامًا. السياسة مسؤولية، لا مزايدة. والبرلمان ليس ساحة استعراض للعنصرية الدينية أو الغرور الطائفي.

نحتاج إلى وجوه سياسية تبني جسورًا بين العراقيين، لا تهدم ما تبقّى من الثقة. نحتاج إلى من يقاتل من أجل التعليم والصحة والاقتصاد، لا من يدافع عن إرث داعش وأفكار التكفير.

نقول: سقطت قمر من قوائم الانتخابات، لكنها سقطت أولًا من عيون العراقيين.




تعليقات