مدينة الذهب العالمية في بغداد... الحلم الاقتصادي يخطو أولى خطواته

علي كريم إذهيب - في خطوة طال انتظارها لتفعيل الطاقات الوطنية الكامنة، أقرّ المجلس الوزاري للاقتصاد في العراق مشروع إنشاء "مدينة الذهب العالمية" في العاصمة بغداد، بناءً على مقترح من وزارة التجارة العراقية. خطوة قد تبدو رمزية على السطح، لكنها تحمل في عمقها تحوّلاً استراتيجياً يطمح إلى إعادة صياغة دور العراق في صناعة الذهب الإقليمية.

توطين الصناعة... أولى ركائز السيادة الاقتصادية

وزارة التجارة أوضحت، في بيان رسمي، أن المشروع يسعى لتوطين صناعة الذهب والمجوهرات داخل العراق، بما يعزز الإنتاج المحلي ويواكب رؤية البرنامج الحكومي لدعم التنمية الصناعية وخلق فرص العمل. وهي أهداف ليست مجرد شعارات، بل مؤشرات على سعي حقيقي لتقليل الاعتماد على الاستيراد وتحويل العراق إلى منتِج بدل أن يكون مجرد مستهلِك.

وزير التجارة، الدكتور أثير داود الغريري، وصف المشروع بأنه "نقلة نوعية"، مشيراً إلى أن المدينة ستضم وحدات صناعية متخصصة، ومراكز تدريب لصياغة الذهب وفق المعايير العالمية، بالإضافة إلى أسواق وبورصة حديثة للذهب والمجوهرات. وهو ما يعني توفير بيئة متكاملة تحاكي التجارب الناجحة إقليميًا وعالميًا.

بغداد مركزًا إقليميًا... من الفكرة إلى البنية

أكثر ما يلفت في هذا المشروع، وفق ما صرح به رياض فاخر الهاشمي، المدير العام لدائرة العلاقات الاقتصادية الخارجية، هو سعيه لتحويل بغداد إلى مركز إقليمي لصناعة وتجارة الذهب. فالمدينة الجديدة ستكون جزءاً من "المدينة الاقتصادية المتكاملة" في بغداد، وهو ما يفتح آفاقاً أوسع للاستثمار المحلي والأجنبي على حد سواء.

كما أشار الهاشمي إلى أهمية الشراكة مع القطاع الخاص في إنجاح هذا المشروع، مع تأكيد مباشر على التنسيق القائم مع الهيئة الوطنية للاستثمار لتخصيص الأرض اللازمة وإصدار الإجازات الاستثمارية، في إشارة إلى أن الأمور انتقلت فعلياً من مرحلة الفكرة إلى مرحلة التحضير التنفيذي.

بين الفرصة والتحدي

رغم الإشادة بالمشروع، إلا أن نجاح "مدينة الذهب" لن يتحقق إلا بتوفير بيئة استثمارية محفزة، وإطار قانوني وتنظيمي يحمي المستثمر المحلي ويوفر الثقة للمستثمر الأجنبي. فهل تكون هذه المدينة انطلاقة حقيقية لصناعة وطنية طالما عانت من التهميش؟

المشروع بلا شك فرصة تاريخية لإحياء الصناعات التحويلية في العراق، لكنه أيضاً اختبار لقدرة الدولة على تحويل الطموحات إلى واقع، والتغلّب على البيروقراطية والتحديات الأمنية والاقتصادية.

في انتظار الذهب... يبقى السؤال: هل تتحول بغداد فعلاً إلى مدينة تلمع في سماء الأسواق الإقليمية والعالمية؟