📁 آخر الأخبار

من التيك توك إلى المنبر الحسيني: هكذا يُحيي الشباب شعائر عاشوراء في العراق!

سدن سالم - من يُحيي ذكري، يُحيي رسالتي”… بهذه العبارة يُمكن تلخيص ارتباط الشباب اليوم بالشعائر الحسينية. ما بين اللطم والشعر، والتنظيم والخدمة، يقف جيلٌ جديد يصرّ على أن تكون له بصمته، لا بمعزل عن الماضي، بل استلهامًا منه.


في هذا التقرير، نسلّط (عراقنا بلس) الضوء على وجوه شابّة من مدن عراقية مختلفة، تُمثّل أنماطًا متجددة من الحضور الشبابي في عزاء الإمام الحسين (ع).


في بغداد: “الحسين جمعنا
في حيّ الشعلة، أحد أحياء بغداد المعروفة بزخمها العزائي، التقيت بـ”كرار الخفاجي” (21 عامًا)، وهو منسق موكب “أنصار الزهراء”.
كرار يوضح: إحنا كشباب اشتغلنا على ترتيب الأمور بدقّة، نظمنا التوقيتات، وفرّغنا الشباب حسب الطاقات: ناس تنظم السير، وناس تهتم بالإعلام، وناس بالطبخ.”
يُضيف كرار وهو يفتح دفتر الموكب: ما نريد العزاء يكون تقليد فارغ، نشتغل عليه مثل مشروع حياتنا، ونتعلّم من خلاله التعاون والانضباط.”

في كربلاء: الشعر صار سلاح الوعي
على بعد أمتار من باب القبلة، جلسنا في حلقة شبابية وسط “موكب شباب ثورة الطف”، حيث يُلقي “علي جابر التميمي” (24 عامًا) قصائد شعبية تُلامس واقع الشباب.
يقول علي: ما أكتب لمجرد البكاء، أكتب حتى أخلّي الشباب يفكّر، يعرف ليش الحسين نهض، وليش لازم إحنا هم ننهض.”
في إحدى قصائده الحديثة يقول: يا عباس خل نكمل دربك بالنيّة .. نوقف بوجه الظالم… مو بس نحيي القضيّة
يُعلّق أحد الحاضرين: هالنوع من القصائد خلى الشباب يحسون أن العزاء مرتبط بحياتهم، مو شي غريب عنهم.”

في النجف: التكنولوجيا تخدم القضية
زهراء طاهر” (19 عامًا)، طالبة إعلام، تعمل ضمن فريق تصوير موكب “أحباب الزهراء”. تستخدم الكاميرا بمهارة لالتقاط لحظات العزاء وتوثيقها.
تقول: أنا مو بس أصوّر، أنقل مشاعر، أنقل مواقف… أنشرها على تيك توك وإنستغرام حتى يشوف العالم إنو عزاءنا حيّ وإنساني.”
وتُكمل: نستخدم التصوير البطيء، الصوت العالي، وتراكات موسيقية مناسبة حتى نحفّز التفاعل ونوصل رسالة الحسين لكل الناس، حتى غير المسلمين.”

اللطم: بين الأصالة والتطوير
في البصرة، التقيت بـ”حيدر الغزي” (26 عامًا)، وهو رئيس كادر لطم شبابي ينتمي لمدرسة “اللطم التفاعلي”.
شرح قائلاً: ما غيرنا الجوهر، لكن اشتغلنا على الإيقاع، على التنسيق، صارت حركة الصفوف منتظمة مثل عرض مسرحي… حتى الغرباء عن الأجواء ينجذبون.”
ويضيف: أكو شباب تعلموا هندسة الصوت، وأكو ناس تصمم بوسترات وفيديوات تنشرها يومياً… هذا كله جزء من العزاء.”

هل تغيّرت أشكال الإحياء؟
قطعاً نعم. فبين الأمس واليوم، تغيّرت الوسائل، وتعدّدت الأساليب، لكن الثابت هو: الحسين لا يزال يجمع الناس على كلمة واحدة.
  • المجالس انتقلت من الدواوين إلى قاعات مزوّدة بشاشات عرض.
  •  القصائد باتت تُسجّل وتُنشر وتُتناقل على تيك توك ويوتيوب.
  • حتى “القراية” صارت تُستخدم فيها المؤثرات الصوتية والإضاءة.

لكن كما يقول الشيخ “فاضل المالكي”: الشكل قد يتغيّر، أما الحسين فباقٍ… لأنه يمثّل فكرة، والفكرة إذا صدقت، لا تموت.”
جيل لا يُقلّد… بل يُبدع
ما يميّز هذا الجيل، أنه لا يكتفي بتقليد الأشكال القديمة، بل يُعيد صياغتها بما يناسب واقعه.
  • اللطم” صار وسيلة للتعبير الجماعي.
  • الشعر” صار خطاباً نقدياً.
  • الخدمة” أصبحت ساحة للتنظيم والعمل الجماعي.
  • و”السوشيال ميديا” باتت منبرًا عالميًا لنقل الشعائر بعيداً عن التشويه أو الاجتزاء.
العزاء ليس موروثاً يُحفظ في المتاحف، بل هو حركة مستمرة، تعبّر عن حاجتنا الدائمة للعدل، والحرية، والثبات على المبدأ.
والشباب، بما يملكون من طاقات ورؤية، هم الضمانة لاستمرار هذا الخط النقي



تعليقات