📁 آخر الأخبار

ليش العراق بلد حار خلال شهري تموز وآب؟

عراقنا بلس - مع بداية شهري تموز وآب، يكاد العراقيون لا يملكون حديثًا آخر سوى الحرّ، ولهيب الشمس، والانقطاعات المتكررة في الكهرباء. حرارة الصيف في العراق ليست فقط قضية موسمية، بل أصبحت واقعًا مناخيًا مستمرًا يعيد تشكيل تفاصيل الحياة اليومية. لكن، لماذا العراق بالذات؟ ولماذا تموز وآب هما ذروة الجحيم في هذا البلد؟

الموقع الجغرافي: مفتاح اللهيب

يقع العراق بين خطي عرض 29 و37 شمالًا، أي في قلب المنطقة الصحراوية شبه المدارية، وهي من أكثر المناطق حرارة وجفافًا في العالم. هذا الموقع يجعله يتأثر بمنطقتين مناخيتين حارّتين:

  • الأولى، التي تجلب الجفاف والحرارة من شبه الجزيرة العربية.
  • والثانية، التي تدفع كتلًا هوائية ساخنة من الصحارى السورية والأردنية.

غياب الغطاء النباتي والمائي

مع تقلص المساحات الخضراء وازدياد التصحر، تقل قدرة الأرض على امتصاص الحرارة. ومع فقدان الأنهار العراقية جزءًا كبيرًا من تدفقها في السنوات الأخيرة بسبب التغير المناخي والسدود التركية والإيرانية، لم تعد دجلة والفرات قادرتين على ترطيب الأجواء كما في السابق.

وفقًا لتقارير وزارة الموارد المائية، انخفضت الإيرادات المائية بنسبة تصل إلى 70% في بعض المناطق خلال السنوات الأخيرة، ما زاد من تأثر البلاد بموجات الحرّ والجفاف.

درجات الحرارة: أرقام تتكلم

في يوليو 2022، سجّلت محافظة البصرة درجة حرارة وصلت إلى 53.4 مئوية، ما جعلها تُصنّف كـ”أكثر مدينة حرارة على وجه الأرض” في ذلك الأسبوع، بحسب موقع Weather Underground الأمريكي.

في المقابل، تُظهر بيانات الإدارة العامة للأنواء الجوية والرصد الزلزالي في العراق أن:

  • متوسط درجات الحرارة في بغداد خلال تموز تتراوح بين 44 إلى 48 مئوية نهارًا.
  • بينما تصل في محافظات الجنوب (البصرة، الناصرية، العمارة) إلى أكثر من 50 مئوية أحيانًا.

تصنيف العراق عالميًا وعربيًا

بحسب تقرير موقع El Dorado Weather المتخصص في الأرصاد الجوية العالمية لعام 2024:

  • احتلت البصرة المركز الأول كأكثر المدن حرارة في العالم في عدة أيام من شهري تموز وآب.
  • كما جاءت العمارة، الناصرية، والكوت ضمن قائمة أكثر 10 مدن حرارة في العالم خلال نفس الفترة.
  • عربيًا، تصدّر العراق قائمة الدول العربية الأكثر تسجيلًا لدرجات حرارة تتجاوز الـ50 مئوية، متفوقًا على الكويت والسعودية.

الحرارة ليست جديدة.. لكنها تزداد سوءًا

قد يبدو الأمر جديدًا بالنسبة للأجيال الحالية، لكن تاريخيًا، شهد العراق موجات حر شديدة في العقود الماضية. إلا أن الجديد هو تكرار هذه الموجات، واتساع مدتها، وازدياد شدتها. وفقًا لتقرير الأمم المتحدة عن تغير المناخ (IPCC 2023):

“منطقة الشرق الأوسط، وعلى رأسها العراق، تُعد من بين أكثر المناطق تأثرًا بارتفاع درجات الحرارة عالميًا، مع توقعات بزيادة المعدل السنوي بـ2 إلى 2.5 درجة مئوية بحلول عام 2050 إذا لم تُتخذ إجراءات فاعلة.”

الحياة اليومية في ظل “الصهد”

الحر لا يرحم أحدًا، وتبدو الشوارع العراقية شبه خالية خلال فترة الظهيرة، بينما يتزاحم المواطنون على مصادر التبريد المحدودة. وفي ظل أزمة الكهرباء، يعتمد كثيرون على المولدات الأهلية، ما يزيد من التلوث والضوضاء. أما من لا يمتلكون القدرة على الاشتراك، فيكتفون بـ”المبردة المائية”، أو حتى المراوح اليدوية.

العراق بلد حار، نعم، لكنه لم يعد حارًا فقط، بل بات من أكثر بلدان العالم احتراقًا صيفًا. ومع تفاقم آثار التغير المناخي، يبدو أن شهري تموز وآب سيظلان عنوانًا دائمًا للجحيم العراقي، ما لم تُعتمد استراتيجيات حقيقية للتخفيف والتكيّف، تشمل تحسين البنية التحتية للطاقة والمياه، وزيادة المساحات الخضراء، والتحول نحو السياسات البيئية المستدامة.



تعليقات