📁 آخر الأخبار

تحليل صحفي ساخر: بين “أمطار المياحي” و”قمر السامرائي”… جبهات رقمية بوجه نسائي!

خاص - في زمن السوشيال ميديا حيث لا يُقاس التأثير بعمق الفكرة بل بعدد المشاهدات، ظهرت إلى السطح نماذج أنثوية هجينة، تتقاطع فيها خطوط الدين بالترند، وتُرسم فيها الهوية المذهبية على هيئة “فلاتر” ومؤثرات بصرية. بين خطّين طائفيين مشحونين، برزت شخصيتان أصبحتا حديث الساعة في الأوساط الرقمية: أمطار المياحي، كصوت “شيعي” يدمج بين الحزن الرقمي والولاء المُستعرض، وقمر السامرائي، كواجهة “سنية” تصوغ خطاب الغَيرة بإخراج ناعم يتأرجح بين التبشير والانبهار.
وهكذا تحوّل الانتماء المذهبي من منظومة قيمية إلى سردية مرئية، تقودها كاميرات الهواتف الذكية، وتُروَّج لها بخوارزميات لا تفرّق بين لطمية وخطبة جمعة، ولا بين دعوة و”دلع”.
أمطار المياحي: عندما يتحوّل العزاء إلى مشهدية استعراضية
تقدّم أمطار المياحي نفسها كفتاة مؤمنة، ينساب صوتها من بين الدموع، تارة في “لايف” حزين على الإمام الحسين، وتارة في رسائل خاصة لا تخلو من اللمعان. تتعامل مع الدين لا كعقيدة، بل كمادة سردية قابلة للترويج البصري، ويصبح صوت النوح خلفيتها الموسيقية، و”اللطميات” فقرة افتتاحية لمحتوى لا يخلو من زوايا تصوير محسوبة بدقة.
نقاط القوة:
توظيف العاطفة الشيعية في بناء سردية مظلومية رقمية.
مرونة فائقة في الانتقال بين الحزن والتفاعل المرح.
نقاط الضعف:
هشاشة المحتوى الفكري، وسطحية الرسالة المبطّنة بالدين.
قمر السامرائي: التديّن كعلامة تجارية
أما قمر السامرائي، فهي النسخة السنية من المشروع نفسه: خطاب يراوح بين المحافظة والابتذال اللطيف. تقدم نفسها كمدافعة عن الهوية السنية في زمن “الضياع”، لكنها في الحقيقة تُعيد إنتاج صورة الفتاة المسلمة وفق قوالب استهلاكية، تخاطب جمهورًا يعشق “الاحتشام الجمالي”، وتقدّم نصوصًا دينية مغلفة بابتسامة خفيفة، وكأنها تستعرض منتجًا، لا قناعة.
نقاط القوة:
تماسك في الخطاب السني التقليدي، ممزوج بأسلوب شبابي.
فهم ممتاز لخوارزميات التفاعل واستثمارها لصالح الانتشار.
نقاط الضعف:
غياب الأصالة، وبروز طابع تسويقي لا يخفى على المتابع المدقق.
حين تصبح الطائفية “كونتنت”
ما يجمع أمطار وقمر ليس الإيمان ولا التديّن، بل التقاء المصالح في منطقة واحدة: المحتوى الطائفي المغلف بمؤثرات بصرية جذابة. كلا المشروعين لا يعمل على تعزيز الوعي، بل على تنشيط الانقسام، بأسلوب لطيف، قابل للتمرير عبر الريلز والستوري.
لقد أصبحت الهوية المذهبية سلعة، تُروَّج كما تُروَّج مستحضرات التجميل، والمفارقة أن الجمهور يستهلكها دون أدنى مساءلة.
من المسؤول؟
المتابع الخامل: الذي يعيد النشر دون تفكير، ويشاهد وكأن ما يُعرض أمامه هو مسلسل ديني بنكهة الواقع.
المؤسسة الدينية: التي لم تعد تملك أدوات الفهم أو الرد، واكتفت بالمراقبة أو “السكوت المدروس”.
المنصات الإعلامية: التي تجد في هذه النماذج مادة دسمة لصناعة الجدل والتفاعل، حتى لو كان على حساب الوعي الجمعي.
مَن يستخدم مَن؟
هل تستخدم أمطار وقمر الدين كوسيلة للشهرة؟ أم أن الجهات الراعية تستخدمهن كأدوات لتغليف مشروعها الثقافي الطائفي؟
في النهاية، لا أحد بريء. الجميع متورط بدرجة ما. والمؤسف أن الدين، كما الوطن، بات مادة ترويجية على شكل قصة “ريلز” لا تتجاوز 30 ثانية.
وبين بكاء أمطار، وابتسامة قمر، يضيع سؤال الحقيقة، ويُهمّش العقل، ليبقى الجمهور أسير دمعةٍ لا تنتمي للحسين، وعبارةٍ لا تصدر عن وعي، بل عن سيناريو مرسوم بدقة خلف الكاميرا.


تعليقات