📁 آخر الأخبار

التنابز الطائفي في العراق: موسم الانتخابات يكشف هشاشة التعايش السياسي!

خاص - عراقنا بلس 
مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية العراقية المقررة في تشرين الثاني/نوفمبر 2025، عاد الخطاب الطائفي ليتصدر المشهد السياسي في العراق، وسط تبادل الاتهامات والتنابز بين السياسيين الشيعة والسنة، في مشهد يكرر نفسه مع كل موسم انتخابي، ويعكس هشاشة البنية السياسية القائمة على المحاصصة والانقسام الطائفي بدل المشروع الوطني.
تصدّعات شيعية.. وخلافات مغلّفة بالطائفية
يعيش البيت السياسي الشيعي مرحلة من الانقسام الحاد، رغم محاولات الإطار التنسيقي الظهور بمظهر الجبهة الواحدة. فقد أعلنت قوى شيعية كبرى مثل "دولة القانون" بقيادة نوري المالكي، وتيار الحكمة بزعامة عمار الحكيم، أنها ستخوض الانتخابات بقوائم منفصلة، في مؤشر على خلافات عميقة داخل التحالف الذي يُفترض أنه يقود الحكومة الحالية.
في هذا السياق، لم يتردد بعض القادة الشيعة في توجيه انتقادات مباشرة أو مبطنة لحلفائهم المفترضين، مستعملين خطابًا طائفيًا في بعض الأحيان، لتحفيز الشارع الشيعي وتأمين قاعدة انتخابية راسخة، على حساب التهدئة الوطنية أو التفاهم السياسي".
سنة ما بين التشرذم والمظلومية
على الجانب السني، لا يبدو المشهد أكثر تماسكًا. إذ تعاني القوى السياسية السنية من انقسامات داخلية مزمنة، أبرزها بين تحالفي "العزم" و"السيادة"، فضلًا عن تحالفات محلية في محافظات نينوى وصلاح الدين والأنبار. ومع ذلك، فقد وُظّف خطاب "المظلومية السنية" بشكل واضح في الأسابيع الأخيرة، خاصة بعد احتدام الجدل حول منصب رئاسة البرلمان.
تصريحات سياسية متكررة من قيادات سنية أشارت إلى ما وصفته بـ"تهميش السنة" وتجاوز العرف السياسي في توزيع المناصب، وخصوصًا سعي بعض قوى الإطار التنسيقي إلى التأثير على اختيار رئيس البرلمان، وهو المنصب الذي جرى العرف أن يُسند لشخصية سنية.
خطاب الكراهية يعود بقوة
اللافت أن الخطاب الطائفي لم يعد مقصورًا على التصريحات، بل بدأ يأخذ طابعًا ممنهجًا في بعض الحملات الإعلامية والسياسية. قوى شيعية تشير إلى "مخططات سنية لإعادة البعث"، فيما ترد قوى سنية بالحديث عن "الهيمنة الشيعية على مفاصل الدولة" و"التمدد الإيراني في القرار العراقي".
ويؤكد مراقبون أن بعض القادة السياسيين يتعمدون تأجيج هذه النبرة لأسباب انتخابية بحتة، مستغلين حساسية الشارع العراقي تجاه ملف الهوية والانتماء الطائفي.
ما بعد تشرين: خطاب بلا مشروع
رغم التجربة المريرة التي عاشها العراقيون خلال احتجاجات تشرين 2019، والتي رفعت شعار "لا للطائفية" وطالبت بحكومة وطنية خارج المحاصصة، إلا أن معظم القوى السياسية عادت إلى أدواتها القديمة. فغياب مشروع وطني جامع، وافتقار معظم الكتل إلى برامج حقيقية في الاقتصاد والخدمات، دفعهم مجددًا إلى استدعاء الطائفية كأداة مضمونة للتعبئة.
ماذا بعد؟
من المتوقع أن تشهد الأسابيع المقبلة تصعيدًا إضافيًا في الخطاب الطائفي، خصوصًا مع اقتراب موعد الانتخابات، ومع استمرار الخلافات داخل المكونات نفسها. وقد يؤدي ذلك إلى عزوف شريحة واسعة من الناخبين، خاصة الشباب، الذين فقدوا الثقة بالعملية السياسية، وينظرون إلى هذه المناكفات كجزء من مسرحية لا تمثلهم.
الخطورة لا تكمن فقط في إعادة تدوير الانقسام، بل في إمكانية تحوله إلى احتكاكات مجتمعية وأمنية، إذا لم يُضبط الإيقاع السياسي بخطاب عقلاني يضع مصلحة العراق فوق كل انتماء.
يبقى السؤال مفتوحًا: هل سيظل الطائف هو اللاعب الأقوى في الانتخابات العراقية؟ أم أن المواطن العراقي، المنهك من الفشل والفساد، سيكسر هذه المعادلة أخيرًا؟


تعليقات