📁 آخر الأخبار

صوتك بـ150 ألف دينار؟ كيف تحوّل منصب مراقب الانتخابات إلى سوق لشراء الأصوات

خاص - في كل موسم انتخابي في العراق، تطفو على السطح ممارسات تثير الجدل حول نزاهة العملية الانتخابية، لكن ما يحدث خلف الستار في ملف “مراقبي الكيانات السياسية” يكشف عن نمط جديد من التحايل يُوظّف الغطاء القانوني لخدمة أغراض انتخابية مشبوهة.
مراقب يوم واحد.. بصوت مضمون
تقوم العديد من الأحزاب والكتل السياسية، مع اقتراب يوم الاقتراع، بتعيين آلاف الشباب من كلا الجنسين تحت مسمى “مراقب كيان سياسي”، ليوم واحد فقط: يوم الانتخابات المقرر في 11/11/2025. هؤلاء المراقبون يتقاضون أجراً مقداره 150 ألف دينار عراقي مقابل “العمل” في مركز الاقتراع.
لكن خلف هذه الوظيفة المؤقتة، تكمن غاية غير معلنة: ضمان تصويت المراقب للحزب أو الكتلة التي وظّفته.
فبحسب مصادر مطلعة داخل مكاتب انتخابية، لا يتم اختيار هؤلاء المراقبين بناءً على مهاراتهم أو خبرتهم، بل بناءً على ولائهم المفترض، أو ببساطة، استغلال حاجتهم المادية عبر هذا “الإغراء المالي المؤقت”.
3000 مراقب × 150 ألف دينار = 450 مليون!
لنأخذ مثالاً واقعياً:
الكتلة الواحدة توظف حوالي 3000 مراقب كيان.
تُمنَح لكل مراقب 150 ألف دينار ليوم واحد.
المجموع الكلي يبلغ 450 مليون دينار عراقي.
وإذا ما عمّمنا هذه الأرقام على 10 كتل سياسية رئيسية في الساحة، فإن مجموع الإنفاق على هذه “الوظيفة الانتخابية” سيتجاوز 4.5 مليار دينار عراقي – كلها تُدفع بيوم واحد فقط!
شراء أصوات بـ”صفة قانونية”؟
هنا تبرز الإشكالية الأخلاقية والقانونية:
هل يُعد هذا “شراء أصوات”؟
من الناحية الظاهرية، لا شيء يُثبت أن المراقب صوّت للجهة التي وظّفته، خصوصاً وأن الاقتراع سري. لكن من الناحية الواقعية، فإن:
الكتلة توظّف شخصاً
تمنحه مبلغاً مغرياً ليوم واحد
تحت مسمى وظيفة لا تتطلب جهداً كبيراً
وتفترض أنه بالمقابل سيصوّت لها
هذا ما يُعرف بالشراء غير المباشر للأصوات، ويقع في المنطقة الرمادية التي يصعب ضبطها قانونياً، لكنها تُفقد العملية الانتخابية شفافيتها وتكافؤ الفرص بين المرشحين.
من يستفيد؟ من يخسر؟
المستفيد الأكبر هو الحزب القادر على تمويل هذا النوع من الحملات الواسعة، غالباً من يمتلك خزائن ثقيلة أو دعم مالي خارجي.
أما الخاسر، فهو:
الناخب الحر الذي لا يجد من يعوّضه أو يُغريه بثمن
المرشح المستقل الذي لا يملك 450 مليون دينار ليوم انتخابي
والعملية الديمقراطية برمتها، التي تتحوّل إلى صفقة شراء جماعي للأصوات المغلفة بغطاء قانوني
أصوات شباب تُشترى.. ومستقبل يُباع!
المفارقة المحزنة أن معظم المراقبين هم شباب عاطلون عن العمل، يرى أحدهم أن هذه “الفرصة” هي “أحسن من لا شيء”. لكن ما لا يُدركه كثير منهم هو أن صوته الذي باعه بـ150 ألف دينار قد يُستخدم لتثبيت منظومة سياسية تمنع عنه فرص العمل الحقيقية طيلة أربع سنوات قادمة!
إن تحويل منصب “مراقب الانتخابات” إلى وسيلة مموّهة لشراء الأصوات، يكشف عن خلل عميق في أخلاقيات العمل السياسي بالعراق. ولعلّ ما تحتاجه العملية الانتخابية ليس فقط قوانين أكثر صرامة، بل أيضاً وعي مجتمعي يُدرك أن صوته لا يُقدّر بثمن، وأن من يشتريه اليوم، سيبيعه غداً دون تردد.


تعليقات