📁 آخر الأخبار

حينما يغضب المناخ .. البيئة تشتعل… والاقتصاد العراقي يحترق!

علي كريم إذهيب - شهد العراق في السنوات الأخيرة تصاعدًا غير مسبوق في مظاهر التغير المناخي، من ارتفاع درجات الحرارة إلى شح الأمطار والعواصف الرملية المتكررة، وهو ما بات يشكل تهديدًا مباشرًا ليس فقط على البيئة، بل على أساسات الاقتصاد الوطني أيضًا.

أزمة مناخية تضرب الزراعة
تُعد الزراعة أحد أبرز القطاعات الاقتصادية المتأثرة بالمناخ المتطرف. تشير تقارير إلى أن 60% من المزارعين أفادوا بأنهم اضطروا إلى تقليص المساحات المزروعة أو استخدام كميات أقل من المياه بسبب الجفاف الشديد . 
كما انخفضت أعداد الجاموس في العراق من 150,000 رأس في عام 2015 إلى أقل من 65,000 رأس في عام 2025، نتيجة لنقص المياه وارتفاع أسعار الأعلاف بحسب وكالة رويترز".
الهجرة الداخلية وضغوط على المدن
أدى تدهور البيئة الريفية إلى موجات هجرة داخلية نحو المدن الكبرى. حتى ديسمبر 2023، تم تسجيل نزوح أكثر من 135,000 شخص بسبب العوامل المناخية، خاصة في المحافظات الجنوبية وفقًا لتقرير صادر عن مصفوفة تتبع النزوح التابعة للمنظمة الدولية للهجرة ( IOM ). 
وتُشير التقديرات إلى أن هذا الرقم قد يرتفع بشكل كبير بحلول عام 2050 إذا استمرت الظروف البيئية في التدهور .
يشير التقرير إلى أن ما يقرب من نصف العائلات النازحة (46%) انتقلت داخل نفس القضاء، بينما نزح أكثر من نصف العائلات إلى مناطق حضرية.  
تُعد محافظات الجنوب، مثل ذي قار وميسان والمثنى، من أكثر المناطق تضررًا، حيث يواجه السكان تحديات كبيرة في تأمين سبل العيش بسبب تدهور الأراضي الزراعية، ارتفاع ملوحة المياه، وانخفاض مستويات الأنهار.
هذا النزوح المناخي يُشكل ضغطًا إضافيًا على المدن المستقبلة ويُهدد الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي في البلاد.

الطاقة والنفط في مرمى الخطر
يعتمد العراق بشكل كبير على صادرات النفط الخام، إلا أن ارتفاع درجات الحرارة يزيد من استهلاك الطاقة محليًا، ويؤثر على البنية التحتية للطاقة. 
بلغت انبعاثات ثاني أكسيد الكربون للفرد في العراق 2.3 طن في عام 2023، وهي أعلى قليلاً من المتوسط العالمي البالغ 1.8 طن للفرد . 
تُظهر هذه الأرقام مدى اعتماد العراق الكبير على الوقود الأحفوري في قطاع الطاقة، مما يؤدي إلى انبعاثات كربونية تفوق المتوسط العالمي. هذا يشير إلى الحاجة الملحة لتبني استراتيجيات تهدف إلى تنويع مصادر الطاقة، خاصة من خلال الاستثمار في الطاقة المتجددة، للحد من التأثيرات البيئية وتحقيق استدامة اقتصادية وبيئية.

تحديات بيئية تفرض كلفة اقتصادية باهظة
تُقدر تقارير البنك الدولي أن العراق قد يخسر ما يصل إلى 4% من ناتجه المحلي الإجمالي بحلول عام 2040 بسبب تأثيرات التغير المناخي، ما يعادل حوالي 6.6 مليار دولار أمريكي . كما تشير التقديرات إلى أن البلاد ستحتاج إلى استثمارات تصل إلى 233 مليار دولار بحلول عام 2040 لمواجهة التحديات التنموية والمناخية .

الاستراتيجيات الوطنية للتكيف مع تغير المناخ
أطلقت الحكومة العراقية عدة مبادرات واستراتيجيات تهدف إلى مواجهة تحديات التغير المناخي، من أبرزها:
الاستراتيجية الوطنية للبيئة والتنوع البيولوجي ومكافحة التلوث: تهدف إلى تقليل الانبعاثات الكربونية وتنويع مصادر الدخل بعيدًا عن النفط.
رؤية العراق 2030: أعلن عنها رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، وتشمل عدة أهداف، منها: 
تطوير مصادر الطاقة المتجددة لتغطية ثلث الطلب على الكهرباء بحلول عام 2030.
تحسين تقنيات الري.
زراعة 5 ملايين شجرة ونخلة لمكافحة التصحر. 
هذه المبادرات تأتي في إطار التزام العراق باتفاقية باريس للمناخ، حيث قدمت الحكومة المساهمات المحددة وطنياً (NDC) كخطة للتكيف مع تغير المناخ وتقليل الانبعاثات.  
🌿 مبادرات إضافية
بالإضافة إلى ما سبق، تعمل الحكومة العراقية على:
إنشاء محطات الطاقة المتجددة: لتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري.
تأهيل مواقع الطمر الصحي المغلقة: لتحسين إدارة النفايات.
مشروعات مكافحة التصحر: للحفاظ على الأراضي الزراعية.
تقنيات الري المقننة للمياه: لتحسين كفاءة استخدام الموارد المائية.
معالجات المياه الثقيلة: لتحسين جودة المياه.
تُظهر هذه الجهود التزام الحكومة العراقية بمكافحة تغير المناخ وتحقيق التنمية المستدامة. 
بينما يقف العراق على أعتاب مستقبل مناخي معقد، فإن معالجة آثار المناخ المتطرف على الاقتصاد العراقي تتطلب إرادة سياسية قوية، ورؤية اقتصادية شاملة، وتعاونًا إقليميًا ودوليًا لتفادي ما قد يتحول إلى أزمة وجودية تمس حياة الملايين".



تعليقات