ابو طالب الزيدي - قمة عربية اسم على مسمى تستضيفها العاصمة العراقية بغداد وسط ظروف إقليمية خاصة تعيشها المنطقة.
تأهب رسمي وشعبي لما يحملهُ هذا المؤتمر من مخرجات قد تكون نقطة تحول بالعلاقات بين الأشقاء العرب. ولما يحمله هذا المؤتمر من أهمية، تصدرت وزارة الداخلية العراقية المشهد بتوجيهاتها التي أضفت جانبًا من الاستغراب للشارع لصرامتها و حدتها إذ تمثل التوجيه الأول لها بمنع تنظيم أي تظاهرة داخل العاصمة خلال الفترة الممتدة من 11 إلى 20 أيار الحالي، مشيرة إلى أن أي محاولة لتنظيم تظاهرة، أيا كانت أسبابها، ستعد خرقًا للقانون ولن تُمنح أي رخصة خلال الفترة المذكورة، مؤكدة تصريحها للأجهزة الأمنية بإلقاء القبض على كل من يحاول التظاهر خلال هذه المدة، حيث ستتخذ بحقه الإجراءات القانونية اللازمة داعية المواطنين للتعاون.
وكأي قضية سياسية خارجية أو داخلية تختلف الآراء وتتباين الأفكار، وجدير بالذكر بأن الخلاف الأكبر في الأوساط الشعبية والذي يوتر الأجواء يتمحور حول قدوم الرئيس السوري أحمد الشرع حيث يعتبره الكثيرون إرهابيًا! فهل سيحضر الشرع القمة؟ وإن كان الجواب "لا" فهل سيتغير موقف الشارع؟ كل هذا يفتح المجال أمام احتمالات عديدة فعدم حضور سوريا في مؤتمر كهذا سيقلل من أهميته بنسبة كبيرة إذ أن العلاقات مع جار حدودي تحتاج لأن تكون خالية من التوتر لسلامة البلدين وطمأنينة شعبهما على المستوى البعيد.
تساؤلات عديدة تجوب الساحة فهل تواجد ضيوف العراق يمنع العراقيين من المطالبة بحقوقهم أم أن إجراءً ديمقراطيا كالتظاهر سيعكر صفو صورة البلاد أمام جيرانه أم أن قرارا كهذا كان لابد منه لإيصال رسالة للعيون المترقبة مفادها "لا تخافوا العراق آمن ومستقر".
وبينما يتوجب على الشخصيات السياسية التي تمثل الدولة أن تكون من أوائل المطبقين للقوانين فقد ظهر عضو مجلس النواب مصطفى سند في تعليق هز مواقع التواصل الاجتماعي حيث قال بصريح العبارة "أنا أتظاهر.. بيكم خير لزموني" في تحد صريح لحكومة محمد شياع السوداني وقرارات الداخلية.
التفاعل كان بين مؤيد ومعارض فمنهم من رأى أنه تصرف لا طائل منه ويجب احترام قرارات الحكومة كونها أكثر دراية بالأمور السيادية والبروتوكولية وآخر يراه شجاعة تنادي باسم الشعب.
فهل يعد قرار الداخلية يصب في مصلحة العراق؟ الخبير الأمني عبد الخالق الشاهر يجيب من ناحية مختصة قائلا: " رغم أني عروبي إلا ان العراق وطني ويأخذ الأولوية بالتأكيد ، مما يجعلني أميل إلى عدم نشر الغسيل أمام الوفود المدعوة لحضور القمة" وأضاف أن "العراق مستنفر في تلك الأيام ويخشى من شرارة لا تحمد عقباها".
![]() |
الشاهر يعتبر مؤتمر قمة بلا سوريا في هذا الظرف العصيب هو مضيعة للوقت |
مؤكدا في حديث مع «عراقنا بلس» أن الإجراءات الأمنية لا تزال هادئة ومتوازنة مع تصريح الداخلية على عدم قطع الشوارع او ازعاج المارة ، وبالتأكيد ستكون افضل من إجراءات قمة 2012 حيث أن الأخيرة حصل قبلها ما سمي بإجراءات احترازية كان منها اعتقال عدد لا بأس به وبعد القمة حكموا بأحكام غريبة.
وحول الحضور السوري من عدمه كان رأي "الشاهر" داعما لتواجدها حيث اعتبر مؤتمر قمة بلا سوريا في هذا الظرف العصيب هو مضيعة للوقت ، وإن تشنج العلاقات معها يصب في مصلحة أعداء الأمة العربية مضيفا فكرة غائبة عن الأذهان من جوهر الشخصية العراقية بتأكيده على أن "طرد العراقي الكريم لضيفه سابقة خطيرة".
من جانب آخر وبرأي سياسي علق المحلل السياسي حازم الباوي على توجيهات الداخلية بالقول: على الحكومة استيعاب حق الشعب بالتظاهر.. وعلى الأخير عدم تعويق الحياة العامة.
وشدد الباوي في حديثه مع «عراقنا بلس» على أن الدستور العراقي وقانون البلاد يكفلان حق التظاهر السلمي كحق مشروع شريطة عدم تقاطعه مع المصلحة العامة.
وأضاف "ان المطالبة بالحقوق والاعتراض على أي مخالفة او احتجاج على أي نكوص تنفيذي او تشريعي عن أداء الواجب حق شرَّعته الدساتير السماوية وحتى الوضعية".
![]() |
الباوي: على الحكومة استيعاب حق الشعب بالتظاهر |
وبخصوص الاحتجاجات المزمع خروجها خلال عقد القمة العربية المرتقبة في بغداد والبصرة ومحافظات أخرى اعتراضا على قدوم الرئيس الانتقالي السوري احمد الشرع لحضورها ، ولفت الباوي: "ان التظاهرات ان اكتسبت الموافقات الحكومية والتزمت بمعايير عدم ارباك الأمن العام، فلا ضير من ان تنظم بصورة سلمية" ، داعيا في الوقت ذاته إلى "أهمية ان تتماشى الاحتجاجات مع ضرورة الانفتاح العراقي على محيطه وترميم شبكة علاقاته الخارجية"، مطالبا الحكومة في ذات الوقت بتفهم مطالب الشعب في التعبير عن رأيه إزاء حضور أي ضيف يراه العراقيون بانه ذو شائبة ، بغية إيصال صوته اليه عسى ان تكون دعوة لتغيير مساره تجاه العراق والعراقيين".
كل تلك الاهتمامات والتصريحات هنا وهناك رسمية وشعبية تتجلى في وصف المتحدث باسم الحكومة باسم العوداي حين قال إن القمة "حدث تاريخي لبغداد وستكون من أهم القمم" فليس غريبا أن يكون الاهتمام بها واسعا بهذا الشكل.
وبعد كل شيء يبقى السؤال الأهم: هل سيكون "عناد الحكومة" خيارا للبعض أم أن القانون سيحكم سلطته على الجميع دون توتر؟