📁 آخر الأخبار

قراءة معمقة لتغريدة الصدر: مشروع أوسع لإعادة صياغة قواعد اللعبة السياسية للتيار الصدري

خاص - نشر زعيم التيار الصدري السيد مقتدى الصدر تغريدة جديدة عبر حسابه الرسمي اليوم السبت 31 أيار 2025، تضمنت ثلاث توجيهات حاسمة ومباشرة تتعلق بسير الحملات الانتخابية للمرشحين المنتمين إلى التيار الصدري. وجاء في تغريدته:

‎ أولاً: لا يجوز استخدام اسم آل الصدر في الدعاية الانتخابية.

‎ثانياً: يمنع رفع صور الشهداء من آل الصدر في الحملات الانتخابية.

‎ثالثاً: يُمنع استخدام الرموز الدينية في الترويج الانتخابي.


مضمون التغريدة


في هذه التغريدة، يتّخذ السيد مقتدى الصدر موقفاً صارماً من استخدام الرموز الدينية والعائلية في الحملات السياسية. ولعل هذه التوجيهات تمثّل محاولة واضحة منه للفصل بين العمل الديني والسياسي، وإبعاد قدسية الأسماء والشخصيات المرتبطة بآل الصدر عن التوظيف السياسي.

أبعاد ودلالات التوجيهات

1. حظر استخدام اسم آل الصدر

هذا القرار يحمل رسالة قوية مفادها أن الانتماء لعائلة آل الصدر لا يجب أن يكون بطاقة انتخابية تُستخدم للتأثير على الناخبين. وهو موقف يسعى إلى الحدّ من ظاهرة الشخصنة في السياسة، ويؤكد أن الاستحقاق الانتخابي يجب أن يُبنى على الكفاءة لا النَسب.

2. منع استخدام صور الشهداء من آل الصدر

هذا التوجيه يُظهر احترامًا لدماء الشهداء، ورفضًا لاستغلالها في المنافسات الانتخابية، وهو خطاب أخلاقي يرفض المزايدة على تضحيات سابقة لتحقيق مكاسب آنية.

3. منع استخدام الرموز الدينية

في بلد تتداخل فيه السياسة مع الدين بشكل عميق، يبدو هذا التوجيه صادماً للبعض. لكن السيد الصدر يرسل بذلك إشارة إلى ضرورة تنقية العملية الانتخابية من الأدوات العاطفية والدينية التي قد تؤثر على حرية قرار الناخب.

السياق السياسي

تأتي هذه التغريدة في وقت يستعد فيه التيار الصدري لخوض غمار الانتخابات المقبلة وسط انقسامات داخل الساحة الشيعية وتحديات متزايدة في الساحة السياسية العراقية. ويبدو أن الصدر يحاول أن يضع معاييره الخاصة لضبط الخطاب الانتخابي الداخلي ومنع الانجرار وراء أساليب دعاية تقليدية كانت سائدة في دورات سابقة.

كما يمكن اعتبار هذه التغريدة جزءاً من مشروع أوسع يقوده الصدر لإعادة صياغة قواعد اللعبة السياسية للتيار الصدري، وتحويله من تيار قائم على الولاء الرمزي إلى كيان سياسي يعتمد على العمل المؤسساتي والبرامج الانتخابية.

لا يمكن قراءة تغريدة السيد مقتدى الصدر بمعزل عن التحولات الفكرية والتنظيمية التي يشهدها التيار الصدري في السنوات الأخيرة. هذه التوجيهات تمثّل، من وجهة نظر مراقبين، نوعاً من “ثورة داخل الثورة”، إذ يسعى الصدر لتحديث أدواته السياسية وكسر النمط التقليدي في العمل الحزبي والديني.

التغريدة ليست مجرد تعليمات انتخابية، بل هي بيان إصلاحي يحمل في طياته دعوة لإعادة الاعتبار للسياسة كفنّ لخدمة الناس لا كوسيلة لاستثمار الرموز. وفي بلد ما زال فيه الدين يُستخدم كأداة للوصول إلى السلطة، فإن ما جاء في تغريدة الصدر يعد خطوة جريئة، بل وقد تكون نموذجاً لحركات أخرى تسعى للفصل بين المقدّس والسياسي في العراق.




تعليقات