صباح زنكنة - في تحول خطير يعكس النوايا الحقيقية للاحتلال، عقد المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر للشؤون السياسية والأمنية (الكابينت) اجتماعًا عاجلا لمناقشة مواصلة حرب الإبادة في قطاع غزة وتوسيع نطاقها، بحجة رفض حركة حماس لمقترح التهدئة الجديد الذي قدّمه الوسطاء القطريون والمصريون.
ويأتي هذا التصعيد رغم وجود مبادرات تسعى لوقف إطلاق النار وفرض هدنة طويلة، على الرغم من ان الاقتراح الوسيط تضمن هدنة تمتد بين خمس إلى سبع سنوات، غير أن حماس رفضت الصيغة المطروحة في ظل استمرار الاحتلال في السيطرة على مناطق في القطاع، خاصة مدينة رفح.
هذا الرفض استُخدم إسرائيليًا كذريعة لتبرير استمرار العدوان، في وقت توجّه فيه وفد من حماس إلى القاهرة بالتزامن مع زيارة وفد إسرائيلي لنقاش آليات وقف إطلاق النار.
القراءة الأولية لاجتماع الكابينت تظهر أن إسرائيل لا تسعى لسلام حقيقي، بل تستخدم الحرب كأداة ضغط سياسي وتفاوضي، إذ يبدو أن حكومة نتنياهو المثقلة بالأزمات الداخلية وجدت في استمرار الحرب وسيلة لتصدير أزمتها ولملمة التصدعات في ائتلافها اليميني المتشدد.
أما على الجانب الفلسطيني فترفض حماس القبول بأي تهدئة تُبقي الوضع القائم كما هو سواء عبر استمرار الحصار أو عبر الاحتلال المباشر.
تحركات الحركة في القاهرة تعكس رغبة حقيقية في التوصل إلى اتفاق لكن ليس بأي ثمن، فالمعادلة التي تسعى حماس لترسيخها تتمثل في هدنة متوازنة تضمن رفع الحصار وانسحاب الاحتلال وإعادة إعمار القطاع.
من جهة أخرى من الملاحظ أن الوساطة المصرية-القطرية اصبحت عاجزة على كسر الجمود وهو ما قد يُفقدها تدريجيًا ثقة الأطراف خاصة في ظل تمسك الاحتلال بشروط غير واقعية.
وفي حال فشل هذه الجهود فإن الأيام المقبلة مرشحة لمزيد من التصعيد في رفح ما ينذر بكارثة إنسانية ومجازر جديدة بحق المدنيين.
في ظل هذه المعادلة المعقدة تبدو المنطقة أمام مفترق خطير، فإما تسوية عادلة تحقن الدماء وتكسر الحصار أو مواجهة أوسع قد تتدحرج نحو حرب إقليمية مفتوحة، خاصة في ظل تصاعد التوتر على الجبهات الأخرى مع حزب الله وإيران.
تكريس إسرائيل لمنطق القوة والقتل كأداة تفاوض، ورفضها لأي حلول تحفظ للغزيين الحد الأدنى من الكرامة يكشف زيف خطابها السياسي، ويجعل من كل هدنة مقترحة مشروعًا هشًّا أمام طموحاتها التوسعية وأهدافها العقابية.